3 أسباب خفية وراء زيادة الوزن .. تعرف عليها
بقلم : د / ياسر زغلول


لماذا وزني يزيد ؟
هل سأعيش بقية حياتي مع هذا الوزن ؟
لماذا يعود وزني بعد الرجيم ؟
هل من جديد لحل لهذه المشكلة ؟
أسئلة كثيرة تراود أصحاب الوزن الزائد يريدون لها أجوبة مقنعة…
بداية دعونا نتفق على أن أسباب زيادة الوزن التقليدية والمعروفة لدى أغلب الناس تنحصر في ثلاثة أمور :

1️⃣ زيادة الاستهلاك في كمية الطعام

2️⃣ قلة في النشاط الحركي

3️⃣ بعض الاضطرابات الهرمونية والنفسية

ولما كان السبب في زيادة الوزن عند من  يعانون من الاضطرابات الهرمونية والنفسية يشكلون نسبة قليلة من الناس يبقى لدينا السببان الأول والثاني هما الأساس الذي يقف وراء زيادة أرطال من الدهون التي لا داعي لها عند كثير من الناس .
كل ذلك صحيح ومهم أن يعرفه الشخص المهتم ولكن الأهم من ذلك هو بعض الأسئلة المنسية التي يجب أن تطرح والتي أعتقد بأن معرفة الإجابة عليها قد تضع يدك على الأسباب الخفية التي تدعم الزيادة في الوزن إلى أبعد الحدود .

⚛︎ لماذا أستهلك من الطعام أكثر من حاجتي ؟
⚛︎ لماذا همتي قاصرة عن أداء النشاط الرياضي ؟
⚛︎ من المسئول الحقيقي عن صحتي ؟
⚛︎ هل أحمّل غيري دائما تبعات تقصيري ؟

كما ترى من طبيعة هذه الأسئلة أنها تتوجه نحو البحث عن معرفة السبب الحقيقي وإيجاد الحلول العملية وهي مغايرة للأسئلة التي وردت في بداية المقالة والتي تجعل من سائلها يغرق أكثر في المشكلة.

إذاً لعلك معي في أن هناك أسباب خفية غير التي ذكرت في البداية وراء زيادة الوزن فما هي هذه الأسباب ؟ وكيف السبيل إلى التخلص منها ؟

السبب الأول : عدم الانتباه إلى صياغة هدف تخفيف الوزن بطريقة ايجابية :

ماذا يعني هذا ؟
إن اسلوب التفكير السلبي يؤثر بشكل غير مباشر على العقل وعلى اللاوعي بالذات مثال ذلك
إذا طلبت منك ألآن ألا تفكر بشجرة زرقاء أوراقها حمراء !
هل لاحظت انك لا تستطيع – إذا كنت انتبهت لطلبي – إلا أن تتخيل تلك الشجرة مباشرة, علما بأنني أطلب منك أن لا تفكر فيها.

ماذا نستنتج من ذلك ؟ ألا نستنتج بأن التركيز على ما لا تريد يشوش على ما تريد !
ما تريده هو عدم التفكير بالشجرة لأنني أطلب منك ذلك ولكن ما لا تريده وهو التفكير بالشجرة تجد أنه قد أقحم نفسه وظهر على ساحة تفكيرك بدون إذنك, أليس كذلك ؟

المبدأ نفسه هنا ينطبق على من يريد أن يخفف وزنه فتجد أحدهم يبدأ بالتفكير أو حتى بالقول لا أريد أن يزيد وزني أكثر من ذلك, أو إن وزني مشكلة يجب أن أتخلص منه, فيكون قد صاغ هدفه بهذا الشكل السلبي الذي يدفع بهذا الشخص إلى التركيز على ما لا يريد وهو الوزن الزائد في حين أن ما يريده هو الوزن المثالي والذي لم يأت على ذكره نهائيا .

فيبدأ اللاوعي وهو المخزن الهائل للمعلومات والخادم المطيع لك بالعمل حسب قانون التركيز –وهو واحد من قوانين اللاوعي الكثيرة – على منحك كل ما يعرفه عن تكريس الوزن الزائد حتى ولو سمح لك بأن تخفف قسرا عنه بعض الكيلو غرامات نتيجة للحمية القاسية والرياضة العنيفة التي مارستها بعد فورة حماس طارئة, ولكن تأكد بأنك سرعان ما ستنهار بعد فترة من الزمن وتعود أدراجك إلى ما كنت عليه من وزن بل قد يكون أكثر, ولعلك واحد ممن جرب ذلك …

إذا ما الحل ؟
إن الحل الأمثل لذلك يكون من خلال إتباع ما يلي :

أولا : من خلال نسيان الوزن الزائد وعدم ذكره نهائياً أو حتى التفكير فيه .
ثانيا : التركيز على الوزن المثالي من خلال التفكير فيه والقول أريد أن يصبح وزني مثاليا
وتكرار هذه العبارة بشكل دائم حتى يتشبع بها العقل اللاواعي ويبدأ بتقديم خدماته
ومساعدتك للوصول للوزن المثالي .
ثالثا : أن تجعل من العادات الغذائية والسلوكيات الصحية أسلوب حياتك الجديد  من خلال
جرعات من الثقافة الصحية من مصادرها الموثقة, والتي تدعم هدفك الجديد .

من جهة أخرى إن صياغتك لهدفك بشكل ايجابي ينهي الصراع الذي كان قائما بين الوعي واللاوعي فيما لو كان الهدف قد صيغ بطريقة سلبية, فحسب قانون آخر من قوانين اللاوعي وهو قانون الجهد المعكوس والذي ينص على أنه إذا تعارضت الإرادة مع تصورات اللاوعي فان اللاوعي هو الذي سيفوز بالنهاية .

السبب الثاني : عدم الاستفادة من عمل تكيف الارتباطات العصبية :

ماذا يعني ذلك ؟

إن كل السلوكيات التي نمارسها في حياتنا يقف وراءها قوة دافعة وهذه القوة تؤثر على كل أوجه حياتنا تؤثر على أجسادنا وعقولنا وحتى في علاقاتنا وستظل تتحكم فينا مدى الحياة فما هي هذه القوة ؟  إنها قوة الألم والمتعة !
فان كل ما نقوم به من أفعال إنما نفعله بدافع حاجتنا لتجنب الألم أو رغبة منا في تحصيل متعة. إذا إن ما يدفع سلوكك هو رد الفعل العاطفي إزاء الألم والمتعة وليست الحسابات العقلية فقد نعتقد عقليا أن أكل الشكولاتة مثلا يسيء إلى الصحة ولكننا مع ذلك لا نتورع عن مد اليد لالتقاطها وأكلها لماذا ؟
لأن ما يدفعنا غالبا ليس ما نعرفه ذهنيا بل ما تعلمنا أن  نربط به الألم والمتعة في جهازنا العصبي, إذا إنها الارتباطات العصبية التي أسسناها في أجهزتنا العصبية فهي التي تقرر ما سنفعل ولذلك عندما نحاول إبطال عمل هذا الارتباط بشكل غير صحيح فإننا لن نجني الفائدة على المدى الطويل .

ما علاقة الوزن الزائد بما تقول ؟

كل العلاقة ! هل لك أن تخبرني لماذا يخفق أغلب الناس في تخفيف أوزانهم أو عودة الوزن الزائد بعد ترك الحمية ؟
ببساطة. لأنه بدأ برنامج التخسيس و ما زال يربط بين الألم والتخلي عن تلك الأطعمة المشبعة  بالدهون والنشويات والتي بمثابة مصدر متعة له,بمعنى آخر ما زال يشعر بالألم والأسى لفراقه هذه الأطعمة التي يحن إليها حنين المشتاق إلى محبوبه, فهو بذلك لا يستفيد من تكييف الارتباط بما يوافق أهدافه, فسيظل يعاني ولا يصل إلى النتائج التي يرجوها فيعلن تذمره وسخطه على كل شيء إلا على جهله بهذا الأمر .

إذا لتغيير هذا السلوك ويصبح فعالا وطويل الأمد فانه يجب عليه أن يقرن الألم الشديد مع تلك الأطعمة بحيث لا يعود له رغبة فيها ويقرن بالمقابل المتعة بالأطعمة الصحية حتى يصبح ذلك اعتقادا راسخا عنده فإذا كنت تريد أن تتحكم بحياتك فعليك أن تتعلم كيف تربط الألم بأنماط السلوك التي تريد التوقف عنها وعلى ومستوى عال من الحدة العاطفية بحيث لا تعود تفكر فيها وفي المقابل أن تربط المتعة والبهجة والسرور بالسلوك الجيد الذي ترغب فيه لنفسك,

وأفضل الطرق للوصول إلى ذلك يكون من خلال :

أولا : إدراك مدى القوة التي يمكن للألم والمتعة أن تحدثها على أي فعل تقوم به .
ثانيا : رفع شدة الأحاسيس المتعلقة بالألم والمتعة لنمط  السلوك التي ترغب به أو تريد
ترسيخه في داخلك .
ثالثا : التكرار المستمر للشعور بهذه الأحاسيس حتى تصبح السلوكيات المرغوبة تلقائية بدون أي تكلف .

السبب الثالث : عدم حب وتقدير الذات واحترامها :

إن حب واحترام الذات من الأمور المهمة جدا في حياة أي شخص لأن ذلك يعني إعطاء هذه الذات قيمة .
فالإنسان الذي يتمتع بدرجة كبيرة من تقدير الذات يتمتع في نفس الوقت بالثقة بالنفس والإحساس القوي بها والحب لها والقدرة على التحكم بحالته الداخلية وأخيراً لديه رؤية واضحة لغايته وأهدافه . من جهة أخرى هناك الكثير من أدلة تحليل النفس تشير إلى أن الشخص الذي يتمتع بتقدير الذات على نحو صادق مؤهل لاكتساب القدرة على النمو والتغيير.
ولكن يبقى حجر الأساس الذي يقوم عليه حب وتقدير الذات هو تقبل النفس على طبيعتها كما هي بمحاسنها وعيوبها بدون انتقاص أو توبيخ لها وبدون إدانة أي نقاط ضعف وقصور فيها,
لأن مثل هذه الممارسات تدفع بالشخص يوما بعد يوم إلى الشعور بعقدة النقص والشعور بالذنب وبالتالي الإحساس بالغضب ومن طبيعة الإنسان أنه يربط العقوبة بالغضب فيبدأ باللاشعور البحث عن طريقة لمعاقبة نفسه والانتقام منها حيث تتنوع العقوبات وقد يكون منها اللجوء إلى تناول المزيد من الأغذية الضارة بالصحة وبدون حساب وكذلك الركون إلى العادات السيئة مثل اللامبالاة والتسويف والكسل البدني حيث ستكون النتيجة الأكيدة لذلك هو تسلل الوزن الزائد .
إذاً يجب أن نعي جيداً بأن الشخص الذي يتمتع بحب وتقدير الذات يستطيع أن يوظف أي معلومة جيدة لكي تكون بمثابة الوقود الذي يمده بالطاقة والدافعية وبالتالي يركز دائماً على ما يفيده ويرتقي بنفسه نحو النمو والتغيير الأفضل .
وأخيراً لك أن تسأل ما هي أفضل طريقة للوصول إلى حب وتقدير الذات ؟
إن أسرع وسيلة تساعد بها نفسك للشعور بتقدير الذات تكون من خلال رفع المقاييس والتعامل مع النفس والآخرين بوصفك قيمة هامة والحذر من الأفكار السلبية المعيقة .

 د. ياسر أنور زغلول    بكالوريوس في العلاج الطبيعي وإعادة التاهيل .. دبلوم ICS في اللياقة والتغذية.. دبلوم TED في العلاج الوظيفى و مدرب نقابي معتمد في التنمية وتطوير الذات

 

التعليقات معطلة.