مقدمــــــــــــــــة …
الطموح هو أحد أهم الدوافع التي تحرك الإنسان نحو التقدم وتحقيق الأحلام، وهو الوقود الذي يمنح الحياة معنى ويجعلها مليئة بالأمل والعمل. لكن ليس كل طموح إيجابيًا أو محمودًا، فهناك طموح يرتقي بالإنسان ويضيف له ولمن حوله، وهناك طموح باطل يخدع صاحبه ويدفعه إلى ملاحقة أهداف وهمية لا تحمل أي قيمة حقيقية. هذا النوع من الطموح غالبًا ما ينتهي بالإنسان إلى الإحباط والشعور بالفراغ، بدلًا من أن يحقق له السعادة والإنجاز .
مفهوم الطموح :
الطموح هو تلك القوة الداخلية التي تدفع الإنسان إلى تحقيق أهداف تتجاوز الوضع الذي يعيش فيه حاليًا. وهو يمثل الرغبة في التطوير المستمر والارتقاء و تحسين الذات في مختلف جوانب الحياة أو تقديم فائدة للمجتمع. هذا النوع من الطموح يستند إلى قيم أخلاقية وأهداف حقيقية تساهم في تحقيق التوازن بين النجاح الشخصي والتأثير الإيجابي على الآخرين.الطموح بطبيعته يُعدّ سمة إيجابية حين يكون مدعوما بقيم نزيهة واضحة وأهداف ذات معنى، ولكنه قد يتحول إلى عبء إذا كان مبنيًا على أساس وهمي أو بعيدًا عن الواقع و يدفع صاحبه إلى ملاحقة أهداف سطحية لا تعكس قيمه الحقيقية أو تطلعاته الواقعية. غالبًا ما يكون هذا النوع من الطموح مدعوما بالرغبة في إرضاء الآخرين أو التفاخر أمامهم، بدلًا من تحقيق رضا ذاتي حقيقي وهذا مايجعله طموحا باطلا .
مفهوم الطموح الباطل :
الطموح الباطل يمكن تعريفه بأنه السعي وراء أهداف زائفة أو غير ذات قيمة، تكون مدعومة برغبات سطحية أو تأثيرات خارجية. على سبيل المثال، قد يسعى البعض إلى جمع المال لمجرد التفاخر، أو البحث عن الشهرة من دون تقديم أي محتوى هادف. هذا النوع من الطموح يُعتبر مضللًا لأنه يستهلك وقت الإنسان وجهده دون أن يمنحه شعورًا بالإنجاز أو الرضا عن النفس .
أسباب الطموح الباطل :
التأثر بوسائل التواصل الاجتماعي :
في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، باتت الحياة المثالية التي يُظهرها البعض على هذه المنصات مصدرًا للضغط النفسي على الآخرين، مما يدفعهم إلى السعي لمجاراة تلك الصور الزائفة و تحقيق أهداف لا تعبر عنهم لمجرد التشبه بالأخرين .
غياب الهوية الشخصية :
عندما لا يعرف الإنسان قيمه الحقيقية أو ما يريد تحقيقه في حياته، يصبح عرضة لتبني أهداف عشوائية لا تعكس ذاته ويجعله ينتهي الي الفراغ وفقدان القيمة الحقيقية لنفسه .
الرغبة في الشهرة و التميز السطحي :
بعض الأشخاص يركزون على الظهور بمظهر الناجحين دون أن يكون لديهم أي إنجاز حقيقي، مما يجعلهم يلهثون وراء طموحات زائفة .
التأثير السلبي للطموح الباطل :
استنزاف الطاقة والوقت :
يستهلك الطموح الباطل طاقة الإنسان وجهده في ملاحقة أهداف لا تضيف أي قيمة حقيقية لحياته.
الإرهاق النفسي :
يؤدي هذا النوع من الطموح إلى التوتر والقلق المستمر، وعدم الشعور بالسعادة أو الرضا حيث يظل الإنسان في سباق دائم لتحقيق رضا زائف وصراع لتحقيق أهداف لم تكن يوما تعبر عن تطلعاته الحقيقية .
التأثير الأخلاقي :
قد يدفع الطموح الباطل صاحبه إلى اتخاذ طرق غير أخلاقية لتحقيق أهدافه، مما يؤدي إلى فقدان القيم والمبادئ النزيهة .
كيفية الوقاية من الطموح الباطل :
التعرف على الذات :
يجب على كل فرد أن يسأل نفسه باستمرار: ما هي القيم التي أؤمن بها؟ وما الأهداف التي تعكس شخصيتي حقًا؟ ماهي قدراتي الحقيقية ؟ هذا يساعده على اتخاذ قرارات تتوافق مع ذاته الحقيقية وتطلعاتها . فالتعرف على الذات هو مفتاح النجاح والرضا الداخلي .
تحديد الأهداف الحقيقية :
من الضروري أن تكون أهداف الشخص واضحة مبنية على قيم نزيهة وأولويات تمثله، وألا تكون مجرد تقليد للآخرين أو استجابة لضغوط اجتماعية .
التركيز على القيم الجوهرية :
بدلاً من ملاحقة المظاهر الخارجية، يجب أن يكون الطموح موجهًا نحو تحقيق إنجازات تضيف معنى حقيقيًا للحياة ويسعى لتحقيق الخير والارتقاء بالنفس والمجتمع .
عدم مقارنة النفس بالآخرين :
كل شخص يعيش ظروفًا وتجارب مختلفة، لذا من الأفضل التركيز على التقدم الشخصي بدلاً من مقارنة النفس بالآخرين .
ختـــــــــــــــــاما …
الطموح الباطل هو طريق مليء بالتعب والفراغ، حيث يلهث الإنسان وراء أهداف لا تعكس ذاته ولا تضيف قيمة لحياته. ولتجنب الوقوع في هذا الفخ، علينا أن نكون صادقين مع أنفسنا، وأن نركز على أهداف تعبر عن قيمنا الحقيقية وتسهم في تطورنا الشخصي والمجتمعي. الطموح الحقيقي هو الذي يمنحنا الرضا والسلام الداخلي والانجاز الحقيقي الذي له تأثير ايجابي علي حياتنا وحياة الأخرين ،أما الطموح الباطل فيترك صاحبه عالقًا بين وهم الإنجاز وحقيقة الفراغ، حيث لا يبقى سوى شعور مرير بالضياع وفقدان القيمة والهوية الحقيقية للنفس .
أ/ مايسة محمد على
مسئول التدريب والتطوير التمريضي بمديرية الصحة بمطروح – مدرب معتمد من النقابة العامة لمدربي التنمية البشرية و عضو المعهد العربي للاعتماد
